
- تشغيل يونيو 24, 2025
- في أكثر الأماكن السياحية زيارة الاسكندرية
- الوجهات: رحلات الاسكنردية
الدليل الشامل لرحلات اسكندرية في صيف ٢٠٢٥
هل تظن أنك تعرف الإسكندرية جيدًا؟ الشواطئ، الكورنيش، كوبري ستانلي، رائحة البحر… تلك الصور الذهنية المتكررة؟
دعني أخبرك شيئًا: ما خفي كان أعظم.
في كل مرة أعود فيها من رحلة صيفية إلى الإسكندرية، أكتشف أن هناك طبقة أخرى من الجمال لم ألحظها في المرات السابقة. طبقة لا تتحدث عنها الكتيبات، ولا تُعرض في فيديوهات السوشيال ميديا. ولهذا قررت أن أكتب هذا الدليل الشامل لرحلات الإسكندرية في صيف 2025، ليس كخبير، بل كشاهدة عيان.
هنا لن تجد فقط أسماء أجمل الأماكن السياحية، أو مواعيد دخول الشواطئ، أو قائمة بـ”أفضل مطاعم السمك”… بل ستجد التجربة نفسها: كيف تختار أفضل وقت لزيارة الإسكندرية؟ كيف تتجنّب الزحام وتعيش هدوء المدينة؟ ما هي الأنشطة العائلية التي تسعد الكبار والصغار؟ وما الميزانية الواقعية التي تغطي أسعار السكن، الطعام، والمواصلات؟
في هذا الدليل ستقرأ عن أماكن زُرتها، مشيت في شوارعها، جلست في مقاهيها، واحتفظت بصورها في ألبوم ذكرياتي.
ستكتشف كيف تتحوّل الإسكندرية في سبتمبر إلى ملاذ هادئ، وكيف يبدو طعم الآيس كريم ليلًا على الكورنيش، ولماذا لا يُنسى حمص الشام تحت المطر.
إذا كنت تنوي قضاء صيف 2025 في الإسكندرية، أو حتى تفكّر بذلك، فهذا المقال كُتب خصيصًا من أجلك.
لترى المدينة كما لم ترَها من قبل… وتعيشها كما يجب أن تُعاش.
فندق جرين بلازا إن – تجربة إقامة مميزة في قلب الإسكندرية
موقع ممتاز داخل مول جرين بلازا، وخدمات تناسب العائلات والمسافرين. قريب من كل الأماكن الحيوية في المدينة، ويوفر مستوى رائع من الراحة بأسعار مناسبة.
احجز الآن
أفضل وقت في الصيف لزيارة الإسكندرية
من خلال سنوات طويلة من الزيارات المتكررة إلى الإسكندرية، أدركتُ أن اختيار التوقيت هو مفتاح نجاح الرحلة.
ورغم أن فصل الصيف يُعد موسم المدينة الذهبي، إلا أن التجربة تختلف تمامًا باختلاف التوقيت، وربما حتى الأسبوع الواحد.
كنتُ دائمًا أُفضّل السفر في أواخر شهر سبتمبر، حيث يصبح الطقس أكثر اعتدالًا: لا شمس حارقة كأشهر يوليو وأغسطس، ولا رياح باردة كأيام الشتاء الأولى.
يظل البحر دافئًا ومناسبًا للسباحة، بينما تبدأ الشواطئ في استعادة هدوئها بعد زحام الموسم.
في تلك الفترة، يبدو الشاطئ كلوحة مرسومة: رمال نظيفة، مياه صافية، وصوت موج يهمس في أذنك وكأنه يعرف أن المدينة قد بدأت تسترخي.
كنّا نخرج صباحًا قبل اشتداد الشمس، نستمتع بالسباحة والهواء النقي، ثم نعود قبيل الظهيرة لنحظى بالغداء والراحة.
وما يُميز هذا التوقيت أيضًا، هو انخفاض الأسعار مقارنة بذروة الصيف، وانسيابية الشوارع التي تصبح أكثر رحابة.
كأن المدينة تمنحك فرصة لتتأملها، وتعيشها كما ينبغي.
الفرق بين أغسطس وسبتمبر من واقع التجربة
زيارتي إلى الإسكندرية في شهر أغسطس كانت مختلفة تمامًا.
صحيح أن البحر لا يفقد جماله أبدًا، لكن الزحام في هذا التوقيت يكاد يغمر كل شيء: الشواطئ ممتلئة، الكورنيش مزدحم، وحتى عربات الآيس كريم تقف أمامها صفوف طويلة.
كنتُ أحيانًا أشعر أن إيقاع الرحلة يُفرض عليّ دون اختيار؛ الضجيج يملأ الأجواء، وسرعة الحركة تطغى على لحظات التأمل التي أبحث عنها دائمًا.
حتى البحر، رغم سحره، بدا أقل راحة وسط هذا الاكتظاظ.
أما في سبتمبر، فكل شيء يتغيّر. تبدأ المدينة في التقاط أنفاسها، وتستعيد هدوءها شيئًا فشيئًا.
التمشية على الكورنيش تصبح متعة خالصة، والجلوس على مقهى بسيط أمام البحر يتحوّل إلى لحظة من الصفاء لا تحتاج إلى مؤثرات خارجية لتكتمل.
ماذا عن الإسكندرية في بداية الشتاء؟
رغم أن الصيف هو فصلها الأشهر، فإن للإسكندرية وجهًا آخر ساحرًا في بدايات الشتاء.
أتذكر جيدًا تلك الليلة التي قضيتها في فندق يطل مباشرة على قصر المنتزه.
كانت السماء رمادية بلون الحنين، والمطر يتساقط بخفّة، وصوت البحر يرتطم بالصخور كأنه يروي قصص المدينة القديمة.
خرجتُ مع صديقتي نسير على الكورنيش والمطر يُبلّل أطراف ملابسنا برفق.
كان الجو باردًا بما يكفي لنمسك أكواب حمص الشام بأيدينا الدافئة، بينما الهواء مشبع برائحة البحر والمطر المختلطين.
الإسكندرية في الشتاء لا تناسب الجميع، لكنها ملاذ مثالي لمن يبحث عن لحظة هدوء، أو لقطة صافية، أو جلسة تأمّل أمام البحر في صمت، دون صخب أو ازدحام.
أين تقيم في الإسكندرية؟
عندما أُفكّر في السفر إلى الإسكندرية، فإن أول ما يخطر في ذهني بعد البحر هو: “أين سأقيم؟”
والحقيقة أن هذا السؤال لم يكن يومًا تفصيلًا بسيطًا بالنسبة لي، بل هو ما يحدّد طابع الرحلة بالكامل.
الإقامة ليست مجرد مكان للنوم، بل هي المساحة التي تستريح فيها بعد يوم طويل، وتجمع فيها التفاصيل الصغيرة التي تصنع الذكريات: فنجان القهوة الصباحي، نسيم البحر المتسلّل من النافذة، ورائحة الخبز الطازج من المخبز القريب.
من خلال زياراتي المتكرّرة إلى عروس البحر، جرّبت أنماطًا مختلفة من السكن: من شقق عائلية مطلّة على البحر في المعمورة، إلى فندق أنيق يفتح نوافذه على قصر المنتزه. لكل نوع طابعه الخاص، وميزاته التي قد تناسبك أو لا، بحسب طبيعة رحلتك.

فندق جرين بلازا إن – تجربة إقامة مميزة في قلب الإسكندرية
موقع ممتاز داخل مول جرين بلازا، وخدمات تناسب العائلات والمسافرين. قريب من كل الأماكن الحيوية في المدينة، ويوفر مستوى رائع من الراحة بأسعار مناسبة.
احجز الآنتجربة السكن في منطقة المعمورة
لطالما كانت منطقة المعمورة خياري الأول عندما أسافر إلى الإسكندرية مع العائلة.
لا أعلم تحديدًا ما السبب: أهو هدوؤها، أم قربها من البحر، أم تلك التفاصيل الصغيرة التي تشعرك وكأنك عدتَ إلى بيت قديم تعرفه جيدًا.
كنّا نستأجر شقة تطل على البحر، وفي كل مرة كأننا نعود إلى مكان ينتظرنا.
الشرفة هناك كانت ملاذنا الصباحي والمسائي؛ نحتسي فيها الشاي ونحن نراقب حركة الموج، أو نستمتع بصوت البحر يتسلّل في الخلفية بينما نعدّ الإفطار.
المعمورة ليست مجرد منطقة سكن، بل مجتمع صغير متكامل:
سوبر ماركت على بعد خطوات، فرن بلدي تخرج منه رائحة الخبز كل صباح، مطاعم محلية تتعرّف عليك من الزيارة الثانية، وأمان يجعل الأهل مطمئنين على أطفالهم.
وما يجعلها مثالية للعائلات أيضًا، هو قربها من الشاطئ، وهدوؤها مقارنة بمناطق أخرى أكثر ازدحامًا. كل شيء فيها يبدو منظمًا ومريحًا، وكأنها مصمّمة لتُشعرك بأنك في بيتك، لا مجرد زائر عابر.
الإقامة في فندق مطل على قصر المنتزه
في إحدى الرحلات، رغبت في كسر الروتين، فقررت الإقامة في فندق مطل على قصر المنتزه.
كانت الزيارة في بدايات الشتاء، الجو بارد والمطر خفيف، وكان للفندق طابع هادئ وشبه شاعري.
أذكر أنني استيقظت ذات صباح، فتحت الستائر، فإذا بالقصر يقف أمامي في هدوء مهيب، بلونه الحجري وزرقة البحر تحيط به من الخلف.
منظر لم أنسَه حتى اليوم. الجو كان يدعوني للبقاء في الغرفة، لكنني لم أقاوم رغبتي في الخروج، فمشينا في حدائق المنتزه الرطبة، تحت المظلّات، نلتقط الصور ونستمتع بسكون اللحظة.
الإقامة في الفندق كانت مريحة دون شك.
كل شيء مُعدّ مسبقًا، الإفطار جاهز، والخدمة حاضرة، ولا حاجة للانشغال بالتفاصيل اليومية.
لكن، رغم الراحة، شعرت أن التجربة أقل خصوصية، وأقصر عمرًا في الذاكرة مقارنة بتجربتي في الشقق، حيث أعيش كواحدة من أهل المدينة، لا كزائرة عابرة.

فندق إيسترن المنتزه – تجربة راقية بإطلالة مميزة
إقامة فاخرة على بُعد خطوات من قصر المنتزه، تجمع بين الراحة والهدوء والموقع المميز. خيار مثالي للعائلات وزوار الإسكندرية.
احجز الآنالفرق بين الشقق والفنادق
بعد أن جرّبت كلا الخيارين، يمكنني تلخيص الفرق بين السكن في شقة أو في فندق على النحو التالي:
العنصر | الشقق | الفنادق |
الراحة | شعور بالمنزل – خصوصًا للعائلات | راحة فندقية وخدمة متكاملة |
التحكم بالوقت | حرية كاملة في توقيت الطعام والخروج | بعض الالتزام بمواعيد محددة للوجبات والنظام |
الخصوصية | أعلى – مع مطبخ خاص وشرفة تطل على البحر | أقل – خصوصًا مع الاعتماد على خدمة الغرف |
السعر | غالبًا أوفر، خاصة للمجموعات أو الإقامة الطويلة | أعلى نسبيًا، لكنه مناسب للراحة القصوى |
الطابع العام | أكثر حميمية واندماجًا مع أجواء المدينة | تجربة منظمة وسريعة وأنيقة |
وباختصار، إن كنتَ تسافر مع العائلة، أو تخطط لإقامة تمتد لعدة أيام، فالشقة خيار يمنحك مساحة وحرية أكبر.
أما إن كنتَ في زيارة قصيرة، أو تبحث عن أقصى درجات الراحة دون أن تُشغل بالك بأي تفاصيل، فالفندق سيكون أنسب لك.
الشواطئ والأنشطة الصباحية
للصباح في الإسكندرية طابع خاص، وخصوصًا حين تبدأه في المعمورة.
كنت أستيقظ مبكرًا على صوت البحر، ذاك الصوت الهادئ الذي يسبق زحام النهار. أفتح النافذة، يتسلّل هواء البحر المالح المنعش، وأشعر أن المدينة كلها لم تستيقظ بعد… كأنني أمتلكها وحدي.
لا شيء يضاهي تلك اللحظة التي تهبط فيها إلى الشاطئ قبل امتلائه بالمصطافين. الرمال ما تزال باردة تحت القدمين، والمياه صافية كأنها لم تُمس.
تبدأ السباحة، الألعاب، الضحك، وربما بعض الصور لنُمسك بتلك اللحظات الهاربة التي لا يمكن اختصارها بكاميرا… لكنها تُخزّن في القلب.
أفضل الشواطئ المناسبة للعائلات
كانت شواطئ المعمورة دائمًا وجهتي المفضّلة، ولا تزال.
نظيفة، منظمة، وآمنة بدرجة كبيرة للأطفال. الأجواء فيها مريحة، لا ازدحام خانق، ولا ضوضاء زائدة، بل روح عائلية تُشعرك بالطمأنينة.
أما من يبحث عن مشهد طبيعي أكثر رحابة، فـشاطئ المنتزه يعد خيارًا رائعًا. هناك، تندمج الخضرة مع زرقة البحر، وتجد أماكن فسيحة للجلوس، أو حتى للنزهة على أطراف الرمال.
الروتين اليومي على البحر: من الصباح حتى الظهر
كنا نبدأ يومنا على الشاطئ بعد شروق الشمس بوقت قصير. الأطفال يركضون على الرمال، والكبار يتبادلون الأحاديث على المقاعد الخشبية أو تحت الشماسي.
الماء في تلك الساعات الأولى كان أكثر صفاءً، والشمس لم تكن بعد قد اشتدّت.
وبحلول الظهر، نكون قد جمعنا ما يكفي من لحظات الفرح.
نصعد إلى الشقة، نستحمّ، نجهّز الغداء، ثم نأخذ قسطًا من الراحة.
هذا النظام البسيط المتكرّر لم يكن مملًا قط، بل كان طقسًا صيفيًا نحبه ونتعلّق به عامًا بعد عام.
الحياة المسائية على الكورنيش
بعد الغروب، تبدأ الإسكندرية في ارتداء ثوب مختلف تمامًا. الشمس تودّع المدينة بلون برتقالي حالم، والنسيم يصبح ألطف، والبحر يلمع كأنه يبتسم لك. وفي تلك اللحظات، لم يكن هناك أجمل من الخروج والتمشية على الكورنيش.
التمشية وركوب العجل والبيتش باجي
كنا نبدأ التمشية من أول الطريق، نمر بالمحال الصغيرة التي تبيع الإكسسوارات والألعاب، نسمع موسيقى هادئة تنبعث من عربات متنقلة، ونشاهد العائلات تجلس على السور الحجري القديم تتبادل الأحاديث والضحكات.
كنا نستأجر عجلًا أو بيتش باجي وننطلق، الهواء يصفع وجوهنا، ونضحك وكأننا نعيش طفولة جديدة. لا قواعد، لا جداول، فقط إحساس خالص بالحرية.
الآيس كريم والوجبات الخفيفة الليلية
في كل نزهة، لا بد من توقف أمام عربة آيس كريم، نختار النكهة المعتادة – غالبًا فانيليا أو مانجو – ونجلس نأكله ببطء، كي لا تنتهي المتعة سريعًا.
وأحيانًا نكملها بـ ذرة مشوي أو بطاطا، أو كيس فشار دافئ يملأ اليدين دفئًا.
أنشطة تناسب العائلات والأطفال
ما أحببته دائمًا في الإسكندرية، أنها ليست فقط مدينة بحر وهدوء، بل هي أيضًا مساحة واسعة للمرح العائلي.
منذ طفولتي وحتى اليوم، كنت أجد فيها كل ما يُسعد الأطفال ويجمع العائلة في لحظات بهجة خالصة.
الملاهي والمتنزهات القريبة
في قلب المعمورة، كانت هناك دائمًا ملاهي صغيرة تنتظرنا.
ألعاب دوّارة، عربات تصادم، بيت رعب بسيط يخلط الضحك بالصراخ…
أجواء مليئة بالحياة، وبسيطة بما يكفي لتُشعرك أنك عدت سنوات إلى الوراء.
أما حدائق المنتزه، فقد كانت أشبه بمتنزه مفتوح للأطفال.
مساحات خضراء، ممرات طويلة، أشجار كثيفة، وأماكن يمكن للصغار أن يركضوا فيها بحرية، بينما نراقبهم ونستمتع بهدوء الطبيعة.
حتى دون ألعاب كهربائية، كانت الحديقة نفسها ساحة مرح واكتشاف، وكنّا نخرج منها أكثر سعادة مما دخلنا.
استئجار العجل والسكوتر للأطفال
أول ما نصل إلى الكورنيش، يبدأ الصغار في السؤال: “أين العجل؟”.
نستأجر لهم دراجات صغيرة أو سكوترات كهربائية، ونتركهم ينطلقون في ممرات المشاة، يضحكون ويتسابقون، وكأن لا شيء في الدنيا يهمّ سوى أن يكون الهواء في وجوههم.
وأجمل ما في الأمر، تلك اللحظة التي يعودون فيها بعد جولتهم: وجوههم حمراء من الحماس، وابتساماتهم أكبر من أي كلام.
عربات الألعاب في المعمورة والكورنيش
في كل زاوية تقريبًا، سواء في المعمورة أو على امتداد الكورنيش، كنا نجد عربات صغيرة تبيع الألعاب:
بالونات ملوّنة، فقاعات تطير في السماء، ألعاب مضيئة، ومسدسات ماء…
كأن الطفولة نفسها خرجت لتبيع سعادتها في الشارع.
الأطفال كانوا يقفون بانبهار، يختارون لعبتهم بعناية، ثم يركضون بها وسط الناس.
ورغم بساطة تلك التفاصيل، إلا أنها كانت تضيف لمسة فرح لا تُنسى، وتتحوّل بسرعة إلى ذكريات تُحكى بعد أعوام.
أماكن سياحية لا تُفوّت
رغم إن البحر هو بطل الرحلة، إلا إن الإسكندرية فيها أماكن ثقافية وتاريخية لو ما زرتيهاش، تبقي فوتي على نفسك جزء مهم جدًا من المدينة.
مكتبة الإسكندرية
أول مرة دخلتُ فيها إلى مكتبة الإسكندرية، شعرت أنني انتقلت فجأة إلى عالم آخر.
المبنى بحد ذاته تحفة معمارية: تصميمه الحديث، والنقوش التي تزيّن جدرانه الخارجية، تجعلك تتوقف لالتقاط الصور قبل أن تخطو داخله.
وبالداخل، ينتظرك عالم من الهدوء والعلم، حتى إن لم تكن من هواة القراءة.
المعارض، المجسمات، القاعات المفتوحة… كل ركن يحكي قصة، وكل تفصيلة تذكّرك بعراقة المكان.
قلعة قايتباي
تُطل قلعة قايتباي على البحر وكأنها تحرس المدينة منذ قرون.
كنتُ أحب السير حولها، التطلّع من نوافذها الحجرية، واستنشاق الهواء البحري النقي من أعلاها.
القلعة ليست فقط معلمًا تاريخيًا، بل منصة مثالية للتأمل والتصوير.
وهناك، فوق الأسوار، مع زرقة البحر الممتدة من كل الجهات، كنت أشعر بأنني أقف في نقطة تلتقي فيها الأزمنة.
قصر المنتزه
أما قصر المنتزه فكان دائمًا محطتي المُفضّلة.
حدائقه الواسعة، ممراته الطويلة، والأشجار التي تظلل الطريق في صمت…
كنا نمشي فيه لساعات دون أن نشعر بالوقت.
أحببت الجلوس على المقاعد الحجرية المطلة على البحر، كوب عصير في يدي، والهدوء يملأ المكان.
من بعيد، يظهر القصر بأبراجه المزخرفة كأنه مشهد من فيلم قديم، ومعه دائمًا شعور بالفخامة الهادئة.
متحف البحريات
زيارة بسيطة، لكنها مميزة جدًا.
متحف البحريات يعرض نماذج لمراكب تاريخية، أدوات صيد، خرائط، وصور نادرة من زمن كانت فيه الإسكندرية مدينة للملاحين والتجّار.
كنت ألاحظ نظرات الأطفال وهم يتأملون المراكب القديمة، وكأنهم على وشك أن يركبوها وينطلقوا في مغامرة…
وكنت أشعر أن هذا المتحف الصغير يمنحهم نافذة على بحرٍ أعمق من الموج.
قصر المجوهرات
دخلتُ قصر المجوهرات ذات يوم بدافع الفضول… وخرجتُ منه مبهورة.
جمال القصر لا يكمن فقط في المعروضات، بل في القاعات نفسها: الأسقف المذهّبة، الزخارف الرفيعة، والنوافذ الملوّنة.
كل قاعة كانت تحكي عن ذوق ملكي مختلف، وكل قطعة مجوهرات كانت تهمس بقصة من الماضي.
تجربة مدهشة، أن ترى الجمال هكذا مصفوفًا أمامك، داخل قصر لم يُشيّد فقط ليسكنه الناس… بل ليُبهرهم.
شارع خالد بن الوليد
حين أشتاق لرؤية سكندرية الحقيقية، بعيدًا عن المعالم السياحية، أذهب إلى شارع خالد بن الوليد.
شارع نابض بالحياة، مليء بالمحلات، العائلات، أصوات الباعة، ورائحة الطعام.
أشتري منه أحيانًا حاجيات بسيطة، أو أتمشّى فيه فقط لأشعر بنبض المدينة.
وهناك، وسط الزحام والدفء، أفهم جيدًا لماذا لا تفقد الإسكندرية أبدًا مكانتها في قلبي.
اين تأكل في الإسكندرية؟
من اللحظات التي كنت أترقبها دومًا في طريقي إلى الإسكندرية، هي تلك اللحظة التي أتناول فيها أول وجبة سمك.
الأكل في هذه المدينة ليس مجرد ضرورة، بل طقس خاص، يُمارس بحبّ، ويُعاش بكامل الحواس.
كل شيء فيها له نكهة مختلفة: من رغيف العيش البلدي الساخن، إلى رشة الليمون فوق السمكة المشوية… حتى الهواء نفسه يبدو وكأنه مُتبّل برائحة البحر.
تجربة السمك في المطاعم الشعبية والمشهورة
أكثر وجبة كنت أستمتع بها هناك هي طبق السمك المشوي الطازج، إلى جواره أرز بالجمبري وسلطة بلدي.
لا تحتاج إلى مطاعم فاخرة لتعيش التجربة الحقيقية… المطاعم الشعبية هي التي تحمل النكهة، والروح، والكرم.
كنّا نختار مطعمًا بسيطًا قرب البحر، نجلس على طاولة خشبية، نشاهد الموج، وننتظر الطبق الذي تنبعث رائحته من بعيد.
السمك يخرج من على الجريل مباشرة إلى الطاولة، ساخنًا، متبّلًا، ومعه عيش بلدي وليمون أخضر كبير.
الأجواء من حولك بسيطة وصاخبة ومليئة بالحياة، وصوت الضحك مختلط بأصوات الأطباق…
وفي تلك اللحظات، لا تحتاج إلى شيء آخر.
حمص الشام تحت المطر – لذة الشتاء
من أجمل المشاهد التي لا أنساها أبدًا، كانت في ليلة شتوية ممطرة.
كنت أسير أنا وصديقتي على الكورنيش، المطر يتساقط بخفّة، والهواء بارد يلسع الوجوه،
وفجأة، ظهرت أمامنا عربة حمص شام، يعلو منها البخار، وتفوح منها رائحة دافئة تدعوك للوقوف.
طلبنا كوبين، وما إن ارتشفنا أول رشفة، حتى شعرنا أن أجسادنا دافئة من الداخل.
الحرارة، والتوابل، والرشة الحامضة من الليمون… كل شيء كان بسيطًا، لكنّه مُدهش.
كانت تلك اللحظة وحدها كافية لتُحب الإسكندرية في الشتاء.
التسوّق في الإسكندرية
رغم أن هدفي الأساسي من زيارة الإسكندرية كان دائمًا البحر والراحة، إلا أنني لم أستطع في أي زيارة أن أقاوم سحر التسوّق فيها.
فالمدينة تجمع بين كل ما تحبينه: من الأسواق الشعبية القديمة، إلى المولات الحديثة الهادئة… وكلّها تحمل لمسة “سكندرية” خاصة.
الأسواق الشعبية: زنقة الستات وسعد زغلول
في قلب وسط البلد، وتحديدًا عند زنقة الستات، يبدأ عالم مختلف تمامًا.
صفوف من المحال الصغيرة المتراصّة، تبيع كل ما يخطر على بالك: من الإكسسوارات والملابس، إلى الأدوات المنزلية والهدايا.
الزحام هناك جزء من التجربة، وكذلك أصوات الباعة، ونداءاتهم التي تحمل نغمة لا توجد إلا في الإسكندرية.
وكنت أستمتع كثيرًا بتلك الجولة العشوائية، أكتشف شيئًا جديدًا في كل زيارة، وأحيانًا أعود بأشياء لم أكن أبحث عنها أصلًا!
أما في شارع سعد زغلول، فستجدين محال أقدم، بعضها يحمل أسماء تاريخية، تعرض ملابس فاخرة أو منتجات مصرية أصيلة، لكن بنفس الروح الشعبية البسيطة.
المولات الحديثة: سان ستيفانو وسيتي سنتر
وإن كنتِ تبحثين عن تجربة أكثر هدوءًا، فالمولات الحديثة في الإسكندرية توفر لك ذلك تمامًا.
في مول سان ستيفانو، حيث البحر يطل من خلف الزجاج، يمكنك التجوّل بين المتاجر العالمية، وتناول القهوة في مكان راقٍ يتيح لك تأمّل البحر من الأعلى.
أما سيتي سنتر، فهو خيار عملي وسهل الوصول، تجدين فيه كل ما تحتاجينه، من الملابس إلى المطاعم، وكلّه في جو مكيف ومنظم.
وكنت أفضّل هذه الأماكن في منتصف اليوم، عندما تشتد حرارة الشمس، فأقضي فيها ساعة أو اثنتين قبل العودة إلى الشاطئ أو إلى نزهة مسائية.
لمحبي التصوير: لقطات لا تتكرّر
إن كنتَ من أولئك الذين لا يسافرون من دون كاميرا، أو لا يستطيعون مقاومة التقاط صورة في كل زاوية تلفت انتباههم، فالإسكندرية ستُدهشك بكل ما فيها.
في هذه المدينة، لا تحتاج إلى كثير من الجهد للعثور على مشهد يستحق التصوير… فكلّ شيء هنا يصلح أن يكون لوحة: البحر، الناس، الشوارع، وحتى الضوء.
أماكن تصوير مثالية في المدينة
من بين أكثر الأماكن التي خرجتُ منها بصور لا تُنسى:
- قلعة قايتباي من الزاوية الخلفية، حيث تمتدّ خلفها المياه بلا نهاية، والموج يتكسّر عند أقدامها.
- حدائق قصر المنتزه وقت الضباب الخفيف، عندما تتداخل الأشجار مع الضباب، كأنك تمشي في حلم.
- مكتبة الإسكندرية، ذلك المبنى ذو الواجهة المميّزة والنقوش الغامضة، يبدو كأنه صُنع خصيصًا ليُلتقط له الصور.
لكن الحقيقة أن أجمل الصور ليست دائمًا في الأماكن الكبيرة…
بل في تفاصيل صغيرة: طفل يطعم النوارس على الشاطئ، كيس ترمس في يد بائع، أو شمس تنزل بهدوء خلف سور الكورنيش.
الغروب من على كوبري ستانلي
إن فاتك الغروب من على كوبري ستانلي، فقد فاتك مشهد لا يتكرّر.
كنت أقف هناك، والنسيم يمرّ بين خصلات شعري، أنظر إلى الشمس وهي تغوص شيئًا فشيئًا في البحر.
اللون الذهبي يكسو الموج، والضوء ينعكس على النوافذ البعيدة، والمكان كله يصبح صامتًا كأنه ينتظر هذه اللحظة.
صورتُ هذا المشهد عشرات المرات، لكن في كل مرة، كان يختلف.
صور من الشرفة وصوت البحر
ولم تكن كل لقطاتي من الشارع… بعض أجمل صوري التقطتها من شرفة الشقة في المعمورة.
كوب شاي على حافة السور، وشال خفيف يتمايل في الهواء، وخلفهم البحر الهادئ يمتد حتى الأفق.
كنت ألتقط الصورة، ثم أترك الهاتف وأجلس.
لا حاجة لمزيد من الصور، فالمشهد الحقيقي أجمل من أن يُختصر في إطار.
وسائل المواصلات والتنقل داخل المدينة
من الأشياء التي أحببتها دائمًا في الإسكندرية، أنك لست مُجبَرة على وسيلة تنقّل واحدة.
بل على العكس، يمكنك أن تختاري كيف تُريدين أن تقتربي من المدينة: بهدوء الترام، أو بسلاسة أوبر، أو حتى مشيًا على قدميك.
الترام: تجربة بسيطة لكن ممتعة
الترام السكندري لم يكن بالنسبة لي وسيلة مواصلات فقط، بل كان تجربة بحدّ ذاتها. ركبته أول مرة بدافع الفضول… ثم أصبحت أبحث عنه في كل زيارة.
يُمشي ببطء، يمر من بين الشوارع القديمة، ويُظهر لك الإسكندرية من زاوية مختلفة تمامًا. المقاعد الخشبية، وصوت العجلات على القضبان، والنوافذ المفتوحة التي يدخل منها هواء البحر… كل شيء فيه يذكّرك بأنك في مدينة لا تشبه غيرها
أوبر، كريم، تاكسي – أيهم تختار؟
عندما كنت أحتاج للانتقال بسرعة أو راحة، كنت أختار بين أوبر أو كريم، خصوصًا في فترات الزحام أو العودة مساءً.
الخدمة كانت دائمًا مريحة، والسائقون معتادون على الشوارع.
أما التاكسي السكندري، فهو خيار يحمل طابعًا خاصًا. سيارات قديمة بلون أصفر وأسود، ونبرة سكندرية لا تخطئها الأذن.
فقط، عليك أن تتفق مع السائق على الأجرة قبل الركوب، تجنّبًا لأي مفاجآت.
المشي على البحر: المواصلات المجانية الأجمل
لكن أجمل وسيلة للتنقّل في الإسكندرية كانت دائمًا المشي على الكورنيش. من المعمورة إلى المنتزه، أو من ستانلي إلى بحري…
كل خطوة كانت تمرّ على باعة الذرة، عربات الآيس كريم، أطفال يركضون، وأشجار النخيل التي تلوّح لك من بعيد. المشي لم يكن وسيلة للوصول، بل كان هو الرحلة نفسها.
نصائح مهمّة لرحلتك في صيف 2025
مع كل زيارة إلى الإسكندرية، كنت أعود محمّلة بالتجارب الصغيرة والتفاصيل التي تُصنع منها الذكريات. وشيئًا فشيئًا، بدأت تتكوّن لديّ مجموعة من النصائح والخلاصات التي أراها ضرورية لكل من يخطط لزيارة المدينة، خاصة في صيفها الدافئ.
الميزانية المقترحة
الإسكندرية ليست مدينة مكلفة، ولكنها أيضًا ليست رخيصة جدًا إن لم تُخطّط جيّدًا.
- السكن: تتراوح أسعار الشقق المفروشة ما بين 600 إلى 1000 جنيه لليلة الواحدة، بحسب الموقع والموسم. أما الفنادق، فغالبًا ما تكون أغلى، خصوصًا تلك المطلة على البحر.
- الطعام: تتراوح تكلفة الوجبة الواحدة للفرد في مطاعم الأسماك من 70 إلى 150 جنيهًا، وقد تكون أقل بكثير في المطاعم الشعبية والمحلّية.
- المواصلات: تبلغ تكلفة استخدام تطبيقات النقل مثل أوبر وكريم من 30 إلى 80 جنيهًا حسب المسافة، أما الترام، فلا يزال وسيلة اقتصادية لا تتجاوز 5 جنيهات.
- المصروف اليومي: إن كنت تفضل نمطًا هادئًا وبسيطًا، فميزانية 300–400 جنيه تكفيك. أما إذا كنت تخطط لزيارة أماكن ومطاعم مميزة، فمن الأفضل أن تحتفظ بميزانية تتراوح ما بين 500 إلى 600 جنيه يوميًا للفرد.
الحجز المسبق وأفضل توقيت
من أهم ما تعلّمته من تجاربي المتكررة: لا تسافر إلى الإسكندرية دون حجز مسبق لمكان الإقامة، خصوصًا في أوقات الذروة مثل أواخر يونيو أو خلال شهر أغسطس، إذ تزدحم المعمورة سريعًا، وتمتلئ الفنادق الجيدة بالحجوزات.
أفضل توقيت للحجز يكون قبل الرحلة بثلاثة إلى أربعة أسابيع على الأقل، خاصة إذا كنتِ تخططين للسفر في عطلة نهاية الأسبوع أو في فترة الأعياد.
الملابس المناسبة وأدوات البحر
- احرصي على اصطحاب ملابس قطنية خفيفة، خصوصًا إذا كانت زيارتك خلال شهر أغسطس.
- لا تنسي شبشب البحر، ونظارة شمسية، وقبعة أو مظلة صغيرة للحماية من الشمس.
- كريم واقٍ من الشمس ضروري إن كنتِ تخططين لقضاء وقت طويل على الشاطئ.
- خذي معك طقمًا خفيفًا للخروج المسائي، فجو البحر قد يميل إلى البرودة ليلًا.
- وأهم قطعة، في رأيي، كانت دائمًا شالًا خفيفًا… يحميني من الشمس صباحًا، ويمنحني الدفء مساءً.
كيفية تجنّب الزحام والاستمتاع بالهدوء
- ابدئي يومك على الشاطئ في وقت مبكر جدًا، قبل التاسعة صباحًا، لتجدي البحر رايقًا، والرمال نظيفة، والمياه هادئة.
- اختاري المشي على الكورنيش خلال منتصف الأسبوع بدلًا من عطلة نهاية الأسبوع، لتتفادي الازدحام.
- تجنّبي التنقل وقت الغروب، فالشوارع تصبح مكتظة، خصوصًا في مناطق مثل سان ستيفانو ومحطة الرمل.
- إن كنتِ تفضلين الخصوصية والهدوء، فالشواطئ الخاصة خيار جيد، لكن لا تنسي أن الشواطئ العامة عند الفجر أو الغروب لها سحر لا يُضاهى.
الإسكندرية ليست مجرد مدينة ساحلية تقصدها للاستجمام، بل هي تجربة كاملة تبدأ من أول نسمة بحر تُصافح وجهك، ولا تنتهي حتى آخر مشهد غروب يُودّعك على الكورنيش.
كل زيارة لها كانت مختلفة، لكن شيء واحد بقي ثابتًا: الشعور بأنني في مكان يعرفني، ويحضنني بحنّية لا أجدها في أي مدينة أخرى.
هي مدينة الذكريات… ذكريات الطفولة، والصيف، والضحك، والصور، وحتى المطر.
مدينة تستطيع أن تُرضي الجميع: من يبحث عن هدوء البحر، أو من يُحب الحركة في الشوارع، أو من يشتاق لوجبة سمك صافية في مطعم بسيط، أو من يهوى المشي تحت المطر بكوب حمص شام في يده.
فإن كنت تفكر في قضاء صيف 2025 في الإسكندرية، فلا تتردد.
